أعمال الفنان محمد خلافي .. ملحمة اسطورية يقدم فيها علاقة بصرية بين الجمالي والفنتازي

أعمال الفنان محمد خلافي .. ملحمة اسطورية يقدم فيها علاقة بصرية بين الجمالي والفنتازي

أعمال الفنان محمد خلافي .. ملحمة اسطورية يقدم فيها علاقة بصرية بين الجمالي والفنتازي


هذه العلاقة البصرية   المكرسة لرصد وفحص وتقويم عالم الماورائيات التي شغلت تجربته الممتدة في عمق تشكيلي   , والتعبير عنها بهوية ذاتية ميزت تجربة الفنان خلافي    

في منجزه الفني –ملحمة اسطورية -  ينسلخ الظاهر الفينومنولوجي  للمشهد ويتم مصادرة تقاليد التنظيم البصري لتستبدل باليات استفزازية  , سيما وان الفنان قد اثث منجزه  بما تمكن منه وبحترفه بتميز  من رواية  الفاحص الخبير لمنطقة المسكوت عنه , موظفا في ذلك مهنيته في رصد المؤسسات السايكوعضوية  الكامنة وراء الظاهرة الانفعالية  الإنسانية , سواء للمشخصات في العمل , او  في صياغة الرسائل التي يبثها المنجز او في  تمثيل مايدور في خلد الفنان من تعبير عبر التنظيم الصوري المادي التشكيلي ,  والتي تميزت برغم غربتها القصدية بقدرة فائقة على الحوار بصفة – الدايالوج – الناشيء  أساسا عن – مونولوج – حقيقي و فاعل ونامي  بين الفنان ومنجزه,  بما اهل العرض  لتحقيق  انعكاسا شرطيا للانتقائية الغرائبية للثيمات والمواضيع والتعالقات  في بنية التلقي الاحترافي والعام  , اذ نجحت  فعالية عمله رغم ميتافيزيقيتها في التواصل والتأويل من حيث اعتمادها السهل الممتنع و الأفكار غير المتوقعة و التنظيم البصري المخالف والمصادرة على المطلوب من الفن والعرض, والشحن التواصلي  العاطفي الذي عززه السيناريو البانورامي لكلية الاعمال ,التي اثثها الفنان بما يجيد  من مهارات التلاعب بالزمان والمكان والمعنى .  فضلا عن التوظيف المفارق للصور التي جاءت بتنظيمات سوريالية يخرج فيها الميت من الحي وتحاكى الصور الايقونية في غير وظائفيتها , والتي قدمت  بمجموعها حصيلة إبداعية انقلب فيها حاصل المثاقفة من تكويناته القصدية - الى انعاش الذاكرة  وشحذها  وإعادة احياء ما خفت من معالمها بفاعلية نصوص   العمل البصرية  , وقدرتها على تحقيق التفاعل الجمالي الاستثنائي , بمشاهد خيالية وتعالقات من عالم التمني الإبداعي الخلاق وتراكيب لأجزاء تصنع كلا مختلفا ينقح  وظائفية الحواس ويختصر الوجود الإنساني بتنظيم أدوات الحس في تجميع لا يكون الا في عوالم الفنان الجميل خلافي الذي تذكرنا فضاءات اعماله ومناخاتها بجذوره اللاواعية الممتدة الى الإرث المغربي القديم المختزل المبسط للاشكال والمنظور,  الرث الخشن غير متقن الصنعة لكنه مليء بالعاطفة والشجن , وبما حقق متعة جمالية تستحق المتابعة والاحتفاء وهى تعد فى رأى خلاصة تجربته الفنية على مدى سنوات طويلة من الابداع و التجارب والتنقل ما بين عده اساليب ...او تداخلها احيانا ..ولكن يبقى العامل المشترك فيما بين كل هذة التجارب هو الأسلوب المميز النابع من الرؤية  الذاتية ..شديدة الخصوصية للفنان .

ولكن من الواضح للمتتبع لمسيرة الفنان محمد خلافي ومن خلال مجاورتي له في ملتقى الابريما الثاني في مدينة دهب المصرية ... ان اللون وعلاماته البصرية  تمثل له اساسا وجوهر لاحساسه الفطرى و هى تحرك وجدانه بشكل يؤثر على رؤيته واسلوبه الفنى ..حيث تناوله للايقاع والهارمونى و الانسيابية التى تتسلل بها للعين كما تتسلل نغمات الموسيقى للاذن .. .. جامعا من خلاله بين القصدية والعفوية فى قالب تصويرى ممتع ...حتى نجده يدرك البقعة السحرية لدمج شح التفاصيل ورصانة البناء ودقة التعبير فى اعماله  ..

وفى هذا العمل السمفوني اللوني المتناغم مع الهدف الجمالي  يبلغ التجريد و قوة الكتلة المتماسكة لمستوى عال جدا من الاتقان بحيث انها تعتمد على جمال التكوين المركب  والاقتصاد فى اللون  وبساطته فى ذات الوقت ..كما يبدو الميل الى التلقائية المفرطة من جانب الفنان مع الأتقان الشديد و ميزان الذهب الذى يكيل به الفنان ..سمك اللون و اتجاه الفرشة ..وكأنه هو نفسه يؤلف مقطوعة موسيقية خاصة به ..فالتجريد هو الصفة المشتركة بين المقطوعة الموسيقية و الكتلة المتحركة لهذة الأعمال .

فهى نتاج مشترك ما بين فطرة  خلافي  التشكيلية و تذوقه بل وتماهيه مع النغم الموسيقى وتلقائيته فى التناول مع التوجيه الواعى جدا لكل هذة العناصر ..لكى يخرج بعمل غاية فى البساطة و البلاغة و القوة .

دكتور مهند دواد / فنان تشكيلي ناقد جمالي


مقالات دات صلة

التعليقات